فإن كان محمد ﷺ قد استطاع بمساعدة أهل الكتاب أن يأتي بالقرآن من عند نفسه، فليحاول أهل الكتاب أنفسهم ومعهم الثقلان من الجن والإنس أن يأتوا بمثل القرآن إن كانوا صادقين في زعمهم مبدأ الإفادة.
وهذا التحدي القرآني لمجادلي التنصير يشتمل على دليل بطلان مزاعمهم، إذ التحدي مكلَّل بفشلهم وهو دليل على بطلان دعواهم.
الثاني: طريق المقارنة، حيث يدعو القرآن إلى تأمل آياته وقصصه وأخباره، إذ ينتهي ذلك التأمل إلى نتيجة حتمية مؤداها تنزيه القرآن عن الاختلاف والتناقض، وهذه سمة الوحي الإلهي الأصيل فقط، أما غيره فيشتمل على وجوه من الاختلاف والتضارب، قال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ (النساء: ٨٢).
الثالث: طريق النقد التاريخي، وفيه ألزم القرآن مجادليه بحقيقتين تاريخيتين تبطلان مزاعمهم:
الحقيقة الأولى: أمية الرسول ﷺ وعدم معرفته بالقراءة والكتابة.
قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (العنكبوت: ٤٨).
الحقيقة الثانية: عجمة المعلمين المزعومين، فالحداد الذي نسبوا إليه تعليم النبي ﷺ كان لسانه أعجمياً لا يجيد العربية بينما القرآن في أعلى طبقات الفصاحة التي سجد لها بعض الأعراب، والتي لا يستقيم عقلا أن يتعلمها النبي ﷺ من أعجمي، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ (النحل: ١٠٣).


الصفحة التالية
Icon