وللإمام القرطبي رد على هذا الزعم حيث قال في تفسيره : ما ذكر من رؤيته لهم بالأندلس فإنما هم غيرهم، لأن الله تعالى يقول في حق أصحاب الكهف: (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا" [الكهف: ١٨]. وقال ابن عباس لمعاوية حينما كانا في غزوة ببلاد الروم لما أراد رؤيتهم: قد منع الله من هو خير منك عن ذلك. (١).
وكما اختلفوا في مكانهم فلقد اختلفوا في زمانهم حتى زعم بعضهم أنهم كانوا قبل عيسى- عليه السلام - وأغرب بعضهم فزعم أنهم كانوا قبل موسى - عليه السلام - لأن اليهود كانوا على معرفة بهم والذي أرجحه والله أعلم أنهم كانوا بعد عيسى - عليه السلام - وقبل بعثة نبينا محمد - ﷺ -، ومعرفة اليهود بهم ليست دليلا قاطعا على كونهم قبل موسى أو بعده، لأنه لا تلازم بين ما يعرفونه وما يؤمنون به فقد يعرفون شيئا لكنهم لا يؤمنون به، ومن ذلك معرفتهم بالمصطفى - ﷺ - ومع ذلك لا يقرون برسالته ولا يؤمنون بنبوته.
قال تعالى ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِن َّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٤٦﴾( سورة البقرة
وقال سبحانه( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿٢٠﴾( سورة الأنعام

(١) - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٠/ ٣٥٨


الصفحة التالية
Icon