أي يبسط لكم ويفيض عليكم من رحمته التي تستنزلونها وتستمطرونها بطاعتكم لربكم وخروجكم في سبيله وابتغاء مرضاته.
(ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (
أي ما فيه من منافع لكم فترتفقون به قال ابن عباس :" يسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه ويأتكم باليسر وبالرفق واللطف (١).
وفي هذا دليل على حسن ظنهم بربهم وجميل توكلهم عليه، قال صاحب روح البيان :" وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم " (٢).
في كنف الرحمن :
( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ﴿١٧﴾ }
انطلق الفتية نحو الكهف، واتخذوه مأوى إلا أن يقضي الله أمرا، وقد كان فتنزلت الرحمات ولاحت الكرامات وهبت نسائم النفحات حين اتخذوا مضاجعهم في هذا الكهف الموحش وخلدوا في نوم عميق فهيأ الله لهم أسباب البقاء ووسائل السلامة ليجتازوا بنومهم حواجز السنين، وتتعاقب القرون، وتسَّاقط ممالك، وتتبدل أجيال وهم في سبات رهيب لم ينهضوا منه إلا بعد مئات السنين. وقد حجب الله عنهم ضوء الشمس فلا تصيبهم فتراها وقد مالت عنهم عند طلوعها وتجاوزتهم عند غروبها، بقدرة من أجراها وسخرها. قال الزمخشري :" المعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها مع أنهم في مكان واسع منفتح معرض للشمس لولا أن الله يحجبها عنهم " (٣).

(١) - الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي النيساوري ٣ / ١٣٨
(٢) - روح البيان ٥ / ٢٢٣
(٣) - الكشاف للزمخشري ٣ / ٧٠٨ ويراجع مدارك التنزيل ٣ /٥ وإرشاد العقل السليم ٥ / ٢١٠


الصفحة التالية
Icon