وقال ابن كثير رحمه الله :" هذا إرشاد من اللّه تعالى لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد إلى مشيئة اللّه عزَّ وجلَّ علام الغيوب، كما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ ﷺ قَالَ: "قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ نَبِيّ اللّهِ: لأَطُوفَنّ اللّيْلَةَ عَلَىَ سَبْعِينَ امْرَأَةً، كُلّهُنّ تَأْتِي بِغُلاَمٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، أَوِ الْمَلَكُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَنَسِيَ، فَلَمْ تَأْتِ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ، إلاّ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقّ غُلاَمٍ"، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكاً لَهُ فِي حَاجَتِهِ".(١)
".. وقد تقدم في أول السورة ذكر سبب نزول هذه الآية في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف: "غداً أجيبكم"، فتأخر الوحي خمسة عشر يوماً، ولأن المرء معرض للنسيان فلقد شرع الله لمن نسي أن يقول إن شاء الله أن يذكر ربه
قال تعالى ( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (
" إشارة إلى نبأ أصحاب الكهف والمعنى لعل الله يؤتيني من البينات والدلائل على صحة أني نبي من عند الله صادق القول في ادعاء النبوة ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشدا من نبأ أصحاب الكهف، وقد كان حيث أعطاه الله عز وجل من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك " (٢) " أو لأقرب رشدا وأدنى خيرا من المنسي " (٣).
(٢) - التفسير الكبير للرازي ٢١ /١١١
(٣) - إرشاد العقل السليم لأبي السعود ٥ / ٢١٧