ترعرع موسى في قصور فرعون، ثمّ عقد الله له سببا أخرجه من بين أظهرهم؛ذلك أنّه قتل قبطيا ردا على اعتدائه على من هو من شيعة موسى، فتمّت ملاحقته من قبل فرعون وجنوده فخرج من بلاده خائفا يترقب، ومكث سنين في أهل مدين، فتزوج من ابنة الرجل الصالح الذي دعاه لأخذ الأجر على ما سقى لابنتيه،(ورزقه الله النبوة والرسالة والتكليم، وبعثه إلى فرعون ليدعوه إلى الله تعالى ليعبده ويرجع إليه، هذا مع ما كان عليه فرعون من عظمة المملكة والسلطان، فجاءه برسالة الله تعالى وليس له وزير سوى أخيه هارون عليه السلام، فتمرد فرعون واستكبر وأخذته الحمية والنفس الخبيثة، وركب رأسه وتولى بركنه، وادعى ما ليس له، وافترى على الله وعتا وبغى، وأهان حزب الإيمان من بني إسرائيل، والله تعالى يحفظ رسوله موسى عليه السلام وأخاه هارون ويحوطهما بعنايته ويحرسهما بعينه التي لا تنام. ولم تزل المحاجة والمجادلة والآيات تقوم على يد موسى شيئا بعد شيء ومرة بعد مرة، مما يبهر العقول ويدهش الألباب، مما لا يقوم له شيء ولا يأتي به إلا من هو مؤيد من الله،’’وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها‘‘(١)، وصمم فرعون وملؤه-قبحهم الله-على التكذيب بذلك كله والجحد والعناد والمكابرة)(٢).
(٢) ابن كثير: أبو الفداء، إسماعيل بن عمر الدمشقي،(٧٠١-٧٧٤هـ)، تفسير القرآن العظيم، ٤أجزاء، دار الفكر، بيروت، ١٤٠١هـ.(٢/٤٢٧-٤٢٨)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(تفسير ابن كثير).