إنّ أعوان الظلم والقهر والإضطهاد ليسوا في منزلة واحدة في القرب من النّظام، فالأسوأ والأكثر قدرة وإمكانيات هو الأقرب منزلة، فكلما أثبت أنّه الأسوأ والأقدر على الخدمة كلما كان حظه في سُلّم الوظائف المُنعم بها على الأعوان من قبل السلطة أوفر، فهذا هو مقياس الحكومة الرشيدة!التي لا تُري النّاس-بزعم فرعون-إلا سبيل الرشاد؛ولهذا كان هامان مُقرّبا، وهكذا كلّ من كان مثله في أيّ حكومة رشيدة كحكومة فرعون!
وكما شارك هامانُ فرعون الحذر شاركه -أيضا-في الإستكبار، ممّا جعله أكثر تأهيلا للمشاركة الفاعلة، يقول تعالى:’’وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض بغير الحق وما كانوا سابقين‘‘(١). فهو من الممتنعين-مع السلطان-عن قبول الحق مهما كانت البينات كثيرة وساطعة.
وهامان من الطغمة الحاكمة، فموسى عليه السلام مبعوث إليه كما هو مبعوث إلى فرعون، يقول تعالى:’’ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين، إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب‘‘(٢). فكان هامان مع فرعون قولا واحدا؛’’ساحر كذّاب‘‘، فلا ندري أهو سبق الحكومة أم الحكومة سبقته!فهو في سباق الشر طائش. وهذا تفسير لبعض ما قد يحدث، حيث نرى أذناب النّظام أشد شراسة من النّظام نفسه، يبتغون عنده القرب والمنزلة، ويحاولون بمثل هذا أن يثبتوا جدارتهم كي يعتمد النّظام عليهم!

(١) العنكبوت: ٣٩].
(٢) غافر: ٢٣-٢٤].


الصفحة التالية
Icon