وكما كان الملأ مع فرعون مشتركين في الظلم الذي لازمه الفساد والإفساد، فهم أيضا مع فرعون في رفض الحق والامتناع عن قبوله، كما أنّهم في الإجرام سواء، يقول تعالى:’’ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين، فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إنّ هذا لسحر مبين، قال موسى أتقولون للحق لمّا جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون‘‘(١). والمعنى أنّهم استكبروا عن اتباع الحق والإنقياد له فامتنعوا عن قبوله، وكانوا قوما مجرمين معتادين الإجرام، ذوي آثام عظيمة كبيرة، فلذلك تهاونوا برسالة ربهم واجترأوا على ردّها، لأنّ الذنوب تحول بين صاحبها وبين إدراك الحق وإبصار الصواب؛فلمّا جاءهم الحق من عند الله وعرفوه بتظاهر المعجزات الباهرة المزيلة للشك، قالوا من فرط تمردهم: إنّ هذا لسحر مبين، ظاهر أنّه سحر أو فائق في فنّه واضح فيما بين إخوته، كأنّهم قبحهم الله أقسموا على ذلك وهم يعلمون أنّ ما قالوه كذب وبهتان (٢).

(١) يونس: ٧٥-٧٧].
(٢) انظر: تفسير ابن كثير(٢/٤٢٧)وتفسير البيضاوي(٣/٢١٠)وفتح القدير(٢/٤٦٤)وتفسير النسفي(٢/١٣٧).


الصفحة التالية
Icon