وهناك طائفة أُخرى تمَّ تسليطها على الأمة تلك هي طائفة المثقفين!!حيث فُتحت لهم كلّ الأبواب، ووضعت تحت أيديهم أجهزة الإعلام، فدورهم تخريب فكر الأمّة ومهاجمة الإسلام بدعوى التنوير والعصرنة، فإذا أراد أحد المراهقين بالفكر أن يشتهر فأقرب الطرق هي مهاجمة الإسلام!وتقوم الحكومة بإيوائه وتوفير الأمن له والترويج لأفكاره وسمومه. ويقوم الإعلام المُوجّه بالترويج لهذه الطائفة بأنّها أمل الأمة وسبيل الخلاص لكل المُشكلات التي تعاني منها. أمّا الحقيقة المرّة فليس هؤلاء سوى أبواق للحضارة الهابطة أو ما تُسمّى بحضارة العالم الحر!وليس دورهم ووظيفتهم سوى تجهيل الأمّة بدينها وتشكيكهم به كي يسهُل استسلام الأمة وانقيادها لمخططات الطواغيت، ثمّ ليتعايش النّاس مع الأوضاع القائمة، وذلك حين تسود الأفكار والتصورات التي تتعايش مع الطاغوت ولا تتمرد عليه؛فالهدف الأخير لتلك الطائفة(هو اقتلاع العقيدة الإسلامية من قلوب المسلمين وصرفهم عن التمسك بالإسلام، أمّا وسائلهم فهي كثيرة ومتنوعة، أخطرها وأهمها السيطرة على مناهج التعليم ووسائل الإعلام)(١).
وبين المنع والحقن تمّ إشغال النّاس بما يضر ولا ينفع
إنّ إشغال الجماهير وسيلة لإبعادها عن إدراك واقعها المر، فتعيش حياتها لاهية غافلة لا هدف ولا قضية ولاغاية، فهي في لهو باطل لا خير فيه، حتى إذا جاءهم الحق استقبلوه بالهزء والسخرية(لتناهي غفلتهم، وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور والتفكر في العواقب)(٢)؛ذلك لأنّ قلوبهم لاهية غافلة. يقول تعالى:’’ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلاّ استمعوه وهم يلعبون، لاهية قلوبهم‘‘(٣)، وهي حالة ترضى عنها الحكومة وترعاها!

(١) محمد قطب، واقعنا المعاصر، ط١، مؤسسة المدينة للصحافة والطباعة والنشر، المملكة العربية السعودية، ١٤٠٧هـ، ١٩٨٦م. ١٩٦، مع بعض التصرف، وسأشير إليه لاحقا هكذا(واقعنا المعاصر).
(٢) تفسير البيضاوي(٤/٨٢). وانظر: تفسير أبي السعود(٦/٥٤).
(٣) الأنبياء: ٢-٣].


الصفحة التالية
Icon