وفي مقابل العقوبة والذنب نجد العطاء والشكر،(فالعاقل الحازم من يستديم النعمة ويداوم على الشكر والإفضال منها على عباده واكتساب ما يفوز به في الآخرة)(١). ،يقول تعالى:’’لئن شكرتم لأزيدنّكم‘‘(٢). أي(لئن شكرتم ربكم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمه عليكم على ما قد أعطاكم)(٣).
ولهذا فإنّ عبادة الطاغوت تُخرج من مارسها من النّور إلى الظلمات، يقول تعالى:’’والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يُخرجونهم من النّور إلى الظلمات‘‘(٤)؛ذلك أنّ عبادة الطاغوت وموالاته ذنب عظيم تجلب العقوبة من الله، فيعيش النّاس بسببها في الظلمات، تلك الظلمات التي تسبب لهم العثرات والكبوات وتُفقدهم القدرة على الرؤية الصحيحة للأحداث؛ذلك أنّ السير والحركة في الظلام أمر فيه مخاطر كثيرة؛فالظلمات تجلب الحيرة والقلق والاضطراب والخوف والوحشة، وهذا ما نلاحظه في كل مرة يُعبد فيها الطاغوت أو يُوالى من دون الله.
إنّ ما نراه من تناحر وصراع بين الأمم والشعوب لهو دليل آخر على العقوبة الحاصلة في النّاس لعلهم يثوبون أو يرجعون، يقول تعالى:’’قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض‘‘(٥)، فها هو العذاب في كلّ مكان وبألوان شتى حيث تُزهق الأرواح وتُنتهك الأعراض ويكثُر الإنتحار والسرقة والزنا وتفكك الأسرة والقهر والاستبداد والأمراض العصبية والنفسية والتفتت الإجتماعي…
وأقسى العقوبات التى نشاهدها أن تفقد الحياة معناها وطعمها؛فترى غالبية الأغنياء قد سئموا من الحياة وملُّوها، وربما وصل الحال عند بعضهم أن يُقدم على الإنتحار!أمّا الفقراء فكثر تسخطهم وتذمرهم، وأعلنوا رفضهم وعدم رضاهم لما قسم الله لهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت.

(١) فيض القدير(٢/٤٧٨).
(٢) إبراهيم: ٧].
(٣) تفسير الطبري(١٣/١٨٦).
(٤) البقرة: ٢٥٧].
(٥) الأنعام: ٦٥].


الصفحة التالية
Icon