إلى فرعون إنّه طغى‘‘(١)، ويقول تعالى:’’قالا ربنا إنّنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى‘‘(٢)، ويقول تعالى:’’اذهب إلى فرعون إنّه طغى‘‘(٣)، فقد تجاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر والتمرد… وتجبر على الله وعصاه، وتجاوز قدره وتمرّد على ربه حتى تجاسر على العظيمة التي هي دعوى الربوبية والألوهية، وتجاوز الحد في ضلاله وغيِّه وفساده وإفساده (٤).
إنّ طغيان فرعون لم يكن بارتكاب المعاصي بل بتجاوز الحد والإفراط فيها. فهو يُقتّل ولا يقتل، ويُصلّب ولا يصلب، ويُقطّع ولا يقطع…ويصل به الطغيان أن يُصلّب السحرة في جذوع النّخل وليس على جذوعها!يقول تعالى حكاية لقول فرعون:’’ولأصلبنّكم في جذوع النّخل‘‘(٥).(للدلالة على إبقائهم عليها زمانا مديدا تشبيها لاستمرارهم عليها باستقرار المظروف في الظرف المشتمل عليه)(٦)، وذلك دلالة على شدة حنقه منهم.
ولمّا كان حال الطغاة بهذا الحجم من الشراسة والإفراط في الجريمة فإنّ من الطبيعي لمن يريد مواجهتهم أن يكون على قدر كبير من الهمة والعزيمة والتّحمّل، مع ما يصاحب ذلك من الوسائل الضرورية والتي لا بدّ منها، لتكون في حدّها الأدنى كافية للوقوف أمام الطغاة والقيام بالوظيفة الملقاة على عاتق الداعية إلى الله سبحانه وتعالى.

(١) طه: ٤٣].
(٢) طه: ٤٥].
(٣) النّازعات: ١٧].
(٤) انظر: تفسير ابن كثير(٣/ ١٥٤)وتفسير الطبري(١٦/١٥٨، ١٦٨)وتفسير ابي السعود (٦/١١، ١٢)وتفسير الواحدي(٢/٦٩٣، ٦٩٥، ١١٧٠)وتفسير النسفي(٣/٥٣)وروح المعاني(١٦/١٨١).
(٥) طه: ٧١].
(٦) تفسير ابي السعود(٦/٢٩). وانظر: تفسير البيضاوي(٤/٦١).


الصفحة التالية
Icon