والمكر لغة: (احتيال في خفية… والمكر الخديعة والاحتيال)(١). وفي التفسير: المكر(التدبير للأمر في خفية)(٢)، وهو(حيلة يجلب بها غيره إلى مضرة)(٣)، و(كل فعل قصد فاعله في باطنه غير ما يقتضيه ظاهره فهو مكر)(٤). و(المكر من جانب الحق ترادف النعم مع المخالفة، ومن جانب العبد إيصال المكروه إلى الإنسان من حيث لا يشعر، وعرّفه بعضهم: بأنّه صرف الغير عما يقصده بحيلة، وذلك ضربان: محمود وهو أن يتحرى به فعلا جميلا، ومذموم وهو أن يتحرى به فعلا قبيحا)(٥).
والمكر-بمعناه المذموم-ملازم لشخصية فرعون كالظّل، وبيان ذلك أنّ شخصية فرعون تقوم في أساسها ومنبعها على أكبر فرية وهي دعوى الألوهية والربوبية، ولذلك فهي شخصية تحتاج حتما إلى احتيال وخديعة وتزوير لتسويق أكذوبتها وباطلها، وهو ذات المنهج الذي يحتاجه القائمون على الباطل لإخفاء حقيقتهم، فهم يَخْشَوْنَ انكشاف الحقائق أمام الجماهير، ولهذا كان المكر قناعا تستتر وراءه شخصية فرعون.

(١) لسان العرب، مادة: مكر(٥/١٨٣). وفي مختار الصحاح(المكر الاحتيال والخديعة)مختار الصحاح، مادة: مكر(٢٦٣)وانظر: القاموس المحيط، مادة: المكر(١/٦١٤).
(٢) تفسير القرطبي(٧/٣٩٧).
(٣) تفسير البيضاوي(٢/٤٤). أمّا المكر من الله كما في قوله تعالى:’ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين‘[الأنفال: ٣٠]إنّما هو بمعنى جزاء مكرهم، فهو حقيقة في الأول مجاز في الثاني. وانظر: تفسير القرطبي(١/٢٠٨)وَ(١٠/٢٠٢). وإنّما وقع هذا(لأنّه بحذائه وجواب له، فهو لفظ خرج على مثال لفظ، والعرب تفعل ذلك إذا جعلوه جوابا له أو جزاء ذكروه مثل لفظه، وإن كان مخالفا له في المعنى) الزرقاني: محمد بن عبد الباقي بن يوسف،(ت١١٢٢هـ)، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، ٤: أجزاء، ط: ١، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١١هـ.(١/٣٤٨)، وسأشير إليه لاحقا هكذا(شرح الزرقاني).
(٤) فيض القدير(٦/٢٧٦)مع بعض التصرف.
(٥) التعاريف(١/٦٧٣)مع بعض التصرف.


الصفحة التالية
Icon