أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قالا : إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله سبحانه أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله كأجوركم فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا الآية أي رادا عليهم قولهم ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم.
والتحقيق- كما يقول صاحب أضواء البيان(١):" أن هذه الآية الكريمة من سورة الحديد في المؤمنين من هذه الأمة، وأن سياقها واضح في ذلك، وأن من زعم من أهل العلم أنها في أهل الكتاب فقد غلط، وأن ما وعد الله به المؤمنين من هذه الأمة أعظم مما وعد به مؤمنى أهل الكتاب وإتيانهم أجرهم مرتين كما قال تعالى :﴿الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون*وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين *أولئك يؤتون أجرهم مرتين...﴾الآية.
وكون ما وعدبه المؤمنين من هذه الأمة أعظم من إيتاء أهل الكتاب أجرهم مرتين أعطى المؤمنين من هذه الأمة مثله كما بينه بقوله:﴿يؤتكم كفلين من رحمته ﴾ وزادهم بقوله:﴿ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم﴾".

(١) أضواء البيان(١) ٧/٨١٦.


الصفحة التالية
Icon