عبارة عن إحاطته بأعمالهم، وتأخير صفة العلم الذي هو من صفات الذات، عن الخلق الذي هو من صفات الأفعال، مع أن صفات الذات متقدمة على صفات الأفعال، لما أن المراد: الإشارة إلى ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم، وقيل: إن الخلق دليل العلم، إذ يستدل بخلقه تعالى وإيجاده سبحانه لمصنوعاته المتقنة على أنه - عز وجل- عالم ومن شأن المدلول التأخر عن الدليل لتوقفه عليه(١).
﴿ له ملك السموات والأرض ﴾ هذا التكرير للتأكيد، وتمهيد لقوله سبحانه المشعر بالإعادة ﴿ وإلى الله ترجع الأمور﴾ أي إليه تعالى وحده لا إلى غيره سبحانه استقلالا أو اشتراكا ترجع جميع الأمور أعراضها وجواهرها.
قرأ الجمهور:﴿ ترجع﴾ مبنيا للمفعول، وقرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر: على البناء للفاعل:
﴿يولج الليل في النهار﴾أى يدخل الليل في النهار، بان ينقص من الليل، ويزيد من النهار.
﴿ وهو عليم بذات الصدور ﴾ أي بضمائر الصدور ومكنوناتها لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ومن كان بهذه الصفة فلا يجوز أن يعبد سواه.
والمراد: أن الله- تعالى - وصف نفسه بالمعية وبالقرب.
وقد جمع في هذه الآية بين ﴿ استوى على العرش﴾ وبين ﴿وهو معكم﴾ والأخذ بالظاهرين تناقض، فدل على أنه لابد من التأويل، والإعراض عن التأويل اعتراف بالتناقض، وقد قال الإمام أبو المعالي: إن محمدا - صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء لم يكن بأقرب إلى الله- عز وجل- من يونس بن متى حين كان في بطن الحوت(٢).
وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق والأعرج :﴿ ترجع ﴾ مبنيا للفاعل، من رجع رجوعا، وعلى البناء للمفعول، كما في قراءة الجمهور، هو من رجع رجعا(٣).
المعنى الإجمالي

(١) المصدر السابق، ونفس الجزء والصفحة.
(٢) القرطبي: ٧/ ٢١٩.
(٣) ابو السعود: ٨/٢٠٤.


الصفحة التالية
Icon