ولا بد يوما أن ترد الودائع
ثم ذكر- سبحانه- ثواب من أنفق في سبيل الله فقال :﴿ فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير﴾أي الذين جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله، وبين الإنفاق في سبيل الله لهم أجر كبير وهو الجنة،﴿ ومالكم لا تؤمنون بالله﴾ أي وأي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم لتمؤنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم؟ وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقهم بقوله ﴿ألست بربكم﴾ أو بما ركب فيهم من العقول، ومكنهم من النظر في الأدلة، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول، وتنبيه الرسول لكم، فما لكم لا تؤمنون به؟
فهو الذي نزل على عبده محمد- ﷺ - هذا القرآن الكريم، ليخرجكم به من ظلمات الكفر إلى نور الايمان، وإن الله بكم لرؤوف رحيم، ثم وبخهم على عدم الإنفاق فى سبيله فقال:﴿ وما لكم ان لا تنفقوا في سبيل الله ﴾أي أي شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله وفيما يقر بكم من ربكم وأنتم تموتون وتخلفون أموالكم وهي صائرة إلى الله - عز وجل ؟
﴿ ولله ميراث السموات والأرض ﴾ أي إنهما راجعتان إليه، يرث كل شيء فيهما لا يبقى منه باق لأحد من مال وغيره، يعني وأي غرض لكم في ترك الانفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله-صلى الله عليه وسلم -، ثم بيًن التفاوت بين المنفقين منهم فقال:﴿ لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل ﴾ وهم السابقون الأولون من المهاجرين والانصار، الذين قال فيهم النبي- صلى الله عليه وسلم-:" لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"(١)
هؤلاء أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقالوا وكل واحد من الفريقين وعده الله المثوبة الحسنى وهي الجنة، مع تفاوت الدرجات، ﴿ والله بما تعملون خبير ﴾لا يخفى عليه من ذلك شيء

(١) مسلم ك / فضائل الصحابة – رضي الله عنهم – ب / تحريم سب الصحابة – رضي الله عنهم – حديث رقم / ٢٥٤٠.


الصفحة التالية
Icon