قال الحسن: يعني جميع السموات والأرضين، مبسوطات كل واحدة إلى صاحبتها، وقيل المراد بالجنة التي عرضها هذا العرض : هي جنة كل واحد من أهل الجنة، وقال ابن كيسان : عني به جنة واحدة من الجنات.
والعرض أقل من الطول، ومن عادة العرب، أنها تعبر عن الشيء بعرضه دون طوله.
ومن ذلك قول الشاعر: كأن بلاد الله وهي عريضة
على الخائف المطلوب كفه حابل(١)
وقال طارق بن شهاب : قال قوم من أهل الحيرة لعمر- رضي الله عنه - : أرأيت قول الله - عز وجل - :﴿وجنة عرضها كعرض السماء والأرض﴾ فأين النار؟ فقال لهم عمر: أرأيتم الليل إذا ولى وجاء النهار، أين يكون الليل؟ فقالوا : لقد نزعت بما في التوراة مثله.(٢)
وذكر العرض دون الطول، لأن كل ما له عرض وطول، فإن عرضه أقل من طوله، فإذا وصف عرضه بالبسطة، عرف أن طوله أبسط،
أو أريد بالعرض البسطة، وهذا ينفي قول من يقول:" إن الجنة في السماء الرابعة" لأن التي في إحدى السموات، لا تكون في عرض السموات والأرض.(٣)
والكلام على الاستعارة، أو المجاز المرسل، واستعمال اللفظ في لازم معناه، وإنما لزم ذلك، لأن اللازم أن يبادر من يعمل ما يكون سببا للمغفرة ودخول الجنة، لا أن يعمله أو يتصف بذلك سابقا على آخر.(٤)
ويجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة، وفي هذا دليل على أن استحقاق الجنة يكون بمجرد الإيمان بالله ورسله، ولكن هذا مقيد بالأدلة الدالة على أنه لا يستحقها، إلا من عمل بما فرض الله عليه، واجتنب ما نهاه الله عنه، وهي أدلة كثيرة في الكتاب والسنة.(٥)
وتقديم المغفرة على الجنة، لتقدم التخلية على التحلية.
﴿ أعدت للذين آمنوا بالله ورسله﴾ أي هيئت لهم.
(٢) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص٢٥٦وما بعدها.
(٣) تفسير النسفي ج: ٤ ص: ٢١٩.
(٤) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٥.
(٥) فتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٦.