والمراد: نفي الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر، والتسليم لأمر الله تعالى ورجاء ثواب الصابرين، ونفي الفرح المطغي الملهي عن الشكر، وأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام والسرور بنعمة الله - تعالى - والأعتداد بها مع الشكر فلا بأس بهما.(١)
﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾ أي لا يحب من اتصف بهاتين الصفتين، وهما الاختيال والافتخار، قيل هو ذم للفرح الذي يختال فيه صاحبه ويبطر، وقيل إن من فرح بالحظوظ الدنيوية وعظمت في نفسه اختال وافتخر بها،
وقيل المختال الذي ينظر إلى نفسه، والفخور الذي ينظر إلى الناس بعين الاستحقار
والأولى: تفسير هاتين الصفتين بمعناهما الشرعي، ثم اللغوي، فمن حصلتا فيه فهو الذي لا يحبه الله.(٢)
وقوله :﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾. تذييل يفيد أن الفرح المذموم هو الموجب للبطر والأختيال والمختال المتكبر عن تخيل فضيلة تراءت له من نفسه والفخور المباهي في الأشياء الخارجة عن المرء كالماء والجاه.(٣)
﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾: أي متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس، وقراءة العامة:﴿ آتاكم﴾ بمد الألف، أي أعطاكم من الدنيا، واختاره أبو حاتم وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم وأبو عمرو:﴿ أتاكم﴾ بقصر الألف، واختاره أبو عبيد. أي: جاءكم، وهو معادل ل( فاتكم) ولهذا لم يقل :(أفاتكم)
وقيل المختال: الذي ينظر إلى نفسه بعين الافتخار، والفخور: الذي ينظر إلى الناس بعين الاحتقار، وكلاهما شرك خفي،

(١) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٧.
(٢) تفسير أبي السعود ج: ٨ ص: ٢١١.
(٣) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٨.


الصفحة التالية
Icon