ومعنى ومنافع للناس: أنهم ينتفعون به في كثير مما يحتاجون إليه مثل السكين والفاس والإبرة وآلات الزراعة والنجارة والعمارة، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب معطوف على قوله﴿ ليقوم الناس﴾ أي لقد أرسلنا رسلنا وفعلنا كيت وكيت، ليقوم الناس وليعلم، وقيل معطوف على علة مقدرة كأنه قيل ليستعملوه وليعلم الله، والأول: أولى، والمعنى: أن الله أمر في الكتاب الذي أنزل بنصره دينه ورسله، فمن نصر دينه ورسله علمه ناصرا، ومن عصى علمه بخلاف ذلك، و﴿بالغيب﴾ في محل نصب على الحال من فاعل ينصره، أو من مفعوله، أي غائبا عنهم أو غائبين عنه، وكذب به وعانده.(١)
﴿ ومنافع للناس ﴾أي في معايشهم، كالسكة والفأس والقدوم، والمنشار، والأزميل، والمجرفة، والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة، والطبخ، والخبز، وما لا قوام للناس بدونه، وغير ذلك.
﴿فيه بأس شديد﴾ يعني السلاح والكراع والجنة، وقيل أي فيه من خشية القتل، خوف شديد، ومنافع للناس قال مجاهد : يعني جنة، وقيل : يعني انتفاع الناس بالماعون من الحديد، مثل السكين والفأس والإبرة ونحوه.
﴿وليعلم الله من ينصره﴾ أي أنزل الحديد، ليعلم من ينصره، وقيل : هو عطف على قوله تعالى :﴿ ليقوم الناس بالقسط﴾ أي أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم الكتاب وهذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق، وليعلم الله من ينصره وليرى الله من ينصر دينه، و ينصر رسله بالغيب.
قال ابن عباس : ينصرونهم لا يكذبونهم، ويؤمنون بهم بالغيب، أي وهم لا يرونهم.(٢)
﴿إن الله قوي عزيز﴾ أي هو قوي عزيز ينصر من نصره، من غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض.(٣)
إنزال الحديد من السماء

(١) تفسير ابن كثير ج: ٤ ص: ٣١٦.
(٢) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٦١.
(٣) تفسير ابن كثير ج: ٤ ص: ٣١٦.


الصفحة التالية
Icon