وذكر صاحبا تفسير الجلالين ( رحمهما الله ) في تفسير هذه الآية الكريمة مانصه : لقد أرسلنا رسلنا الملائكة إلي الأنبياء ( بالبينات ) بالحجج القواطع ( وأنزلنا معهم الكتاب ) بمعني الكتب ـو ( الميزان ) العدل، ( ليقوم الناس بالقسط ( وأنزلنا الحديد ) أي أنشأناه، وخلقناه، لقوله تعالي ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) أي خلق، وقيل : أخرجناه من المعادن، ( فيه بأس شديد ) يعني السلاح، يقاتل به من أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، ( ومنافع للناس ) في معايشهم كالفأس والمنشار وسائر الأدوات والآلات، ( وليعلم الله ) علم مشاهدة، معطوف علي ( ليقوم الناس )( من ينصره ) بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره ( ورسله بالغيب ) حال من هاء ( ينصره ) أي غائبا عنهم في الدنيا، قال ابن عباس : ينصرونه ولايبصرونه ( إن الله قوي عزيز ) لاحاجة له إلي النصرة لكنها تنفع من يأتي بها.
وذكر صاحب الظلال ( رحمه الله رحمة واسعة ): وفي النهاية يجيء المقطع الأخير في السورة، يعرض باختصار خط سير الرسالة، وتاريخ هذه العقيدة من لدن نوح وإبراهيم، مقررا حقيقتها وغايتها في دنيا الناس، ملما بحال أهل الكتاب، وأتباع عيسي ـ عليه السلام ـ بصفة خاصة.. فالرسالة واحدة في جوهرها، جاء بها الرسل ومعهم البينات عليها، ومعظمهم جاء بالبينات الخوارق.. والنص يقول :( وأنزلنا معهم الكتاب ) بوصفهم وحدة، وبوصف الكتاب وحدة كذلك، إشارة إلي وحدة الرسالة في جوهرها.
( والميزان ).. مع الكتاب، فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض، وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية.. ميزانا لايحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع، ولايحيف علي أحد لأن الله رب الجميع.
فلابد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر..( ليقوم الناس بالقسط )!


الصفحة التالية
Icon