ومجيئه في بعض الفواتح ماضيا، وفي البعض مضارعا، للإيذان بتحققه في جميع الأوقات، وفيه تنبيه على أن حق من شانه التسبيح الاختياري أن يسبحه تعالى في جميع أوقاته، كما عليه الملأ الأعلى،﴿ حيث يسبحون الليل والنهار لا يفترون﴾.
وقوله تعالى:﴿ ما في السماوات والأرض﴾" أي وما في الأرض، ثم حذفت( ما) على أنها نكرة موصوفة، قامت الصفة مقامها، وهي( في الأرض )
ولا يحسن أن تكون( ما) بمعنى الذي، وتحذف، لأن الصلة لا تقوم مقام الموصوف عند البصريين، وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع، فحمله على الإجماع أولى من حملة على الاختلاف"(١)
﴿وهو العزيز﴾أي: القادر الغالب الذي لا يمانعه ولا ينازعه شيء.
﴿ الحكيم ﴾الذى لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشعر بعلة الحكم.
و قوله تعالى :﴿ له ملك السموات والأرض﴾ أى التصرف الكلى فيهما وفيما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والإعدام وسائر التصرفات مما نعلمه ومالا نعلمه.
وقوله تعالى:﴿ يحيى ويميت ﴾(٢)" استئناف مبين لبعض أحكام الملك والتصرف
و يجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور، والعامل الاستقرار".
﴿ وهو على كل شيء ﴾ من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الإحياء والإماتة
﴿ قدير﴾ أي مبالغ في القدرة.
المعنى الإجمالي للنص الكريم
يخبر الله- تبارك و تعالى – فى مستهل هذه السورة الكريمة، أن الخلق كله ما في السماوات ومافي الأرض، من الحيوانات والنباتات، مما يندرج تحت هذا العموم، يسبح له سبحانه وتعالى، وآيات القرآن الكريم كثيرة وصريحة في تقرير هذه الحقيقة الكونية : قال تعالى ﴿ ألم تر أن الله يسبح له ما في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ﴾
(٢) التبيان في إعراب القرآن: ٣/٢٥٣