والحديد يدخل في تركيب بروتينات نواة الخلية الحية الموجودة في المادة الحاملة للشفرة الوراثية للخلية ( الصبغيات ) كما يوجد في سوائل الجسم المختلفة، وهو أحد مكونات الهيموجلوبين وهي المادة الأساسية في كرات الدم الحمراء، ويقوم الحديد بدور مهم في عملية الاحتراق الداخلي للأنسجة والتمثيل الحيوي بها. ويوجد في كل من الكبد، والطحال والكلي، والعضلات والنخاع الأحمر، ويحتاج الكائن الحي إلي قدر محدد من الحديد إذا نقص تعرض للكثير من الأمراض التي أوضحها فقر الدم والحديد عصب الصناعات المدنية والعسكرية فلا تكاد صناعة معدنية أن تقوم في غيبة الحديد. (١)
ولكن لماذا خص الله تعالى الحديد بالذكر؟
وللجواب على هذا السؤال يقول الإمام الرازي في تفسيره:(٢)" إن الحديد لما كانت الحاجة إليه شديدة، جعله الله سهل الوجدان، كثير الوجدان، كثير الوجود، والذهب لما كانت حاجة الناس إليه قليلة، جعله الله - تعالى- عزيز الوجود...
وبهذا يتجلى رحمة الله على عباده، فإن كل شيء حاجتهم إليه أكثر جعل الحصول عليه أيسر...
فالهواء وهو أعظم ما يحتاج الإنسان إليه جعل الله تعالى الحصول عليه سهلا ميسورا، فعلمنا من ذلك أن كل شيء كانت الحاجة إليه أكثر، كان وجدانه أسهل...
ولما كانت الحاجة إلى رحمة الله – تعالى- أشد من الحاجة إلى كل شيء، فيرجوه من فضله أن يجعلها أسهل الأشياء وجدانا، كما قال الشاعر:
سبحان من خص العزيز بعزة * والناس مستغنون عن أجناسه
وأذل أنفاس الهواء وكل ذي * نفس فمحتاج إلى أنفاسه ".
ثم ختمت الآية الكريمة بقوله- جل شأنه-﴿إن الله قوي عزيز﴾وهذا الختام هو المناسب لإرسال الرسل، ولإنزال الكتب والحديد الذي فيه بأس شديد ونافع للناس.
(٢) مفاتيح الغيب: ٢٩/٢٤٣.