ولو رجعنا إلى قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة، لوجدناه قد أعطى للقاضي سلطةً واسعةً في تقدير الأدلة، ومدى إمكان الإستناد إليها في إصدار الحكم، وما بُني ذلك إلاَّ على فكرة :
[ تنزيل الظن الراجح منزلة اليقين ].
********
ونسوق إليك بعض النصوص من قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة العراقي المؤيِّدة لما تقدَّم :
١. [ المادة / ٢١٣ ـ
أ ـ تحكم المحكمة في الدعوى بناءً على اقتناعها الذي تكوَّن لديها من الأدلة المقدَّمة في أي دورٍ من أدوار التحقيق أو المحاكمة، وهي :
الإقرار، وشهادة الشهود، ومحاضر التحقيق، والمحاضر، والكشوف الرسميَّة الأخرى، وتقارير الخبراء والفنيين، والقرائن، والأدلة الأخرى المقررة قانوناً ].
٢.[ المادة / ٢١٥ ـ
للمحكمة سلطة مطلقة في تقدير الشهادة.... ].
٣.[ المادة / ٢١٧ ـ
أ ـ للمحكمة سلطة مطلقة في تقدير إقرار المتهم، والأخذ به... ].
مما تقدَّم... يظهر لنا أن القانون يستند إلى غالب الظن الذي يتكوَّن عند المحكمة، وهو في حقيقته القناعة التي بنت عليها المحكمة الحكم.
وقد تتكوّن هذه القناعة بقرينة، والأخذ بالقرائن جائزٌ في القضايا الجزائيَّة.
*******
إنّ الأخذ بالقرينة كان معروفاً لدى المصريين في زمن سيِّدنا [ يوسف ]، وقد قصَّه القرآن علينا، في الآيات : ٢٤ إلى ٢٧، من السورة، وسنعود لهذا لاحقاً.
********
على أن [ الظنِّ ] في العلميِّات [ اليقينيات ]، ومنه [ الإعتقاديَّات ] لا يؤخذ به، إذ لابُدَّ من اليقين الذي له طُرُقُهُ، والتي منها :
الحسُّ، والتجربة، والنقل المتواتِر، والبرهان العقلي في غير المحسوسات كالإيمان بالله جلَّ وعلا.
وهذا الذي جرَّنا البحث إليه، هو من أهم مميزات المنهجيَّة الإسلاميَّة في الطرق البحثيّة، ولها في هذا المجال منهجٌ متقنٌ، ندعو الله أنْ يُوفِقنا للكتابة فيه تفصيلاً.
********
نعود إلى ما جريات الأحداث، فنقول :


الصفحة التالية
Icon