ما تتلاحق أفراده وتبرز شيئاً فشيئاً، كالفواكه، والخضر، والأزهار، إذا كان قد ظهر أكثره، يجوز بيعه مع ما سيبرز دفعةً واحدةً ].
********
فإذا علمنا أنَّ التكييف الفقهي للإجارة عموماً هو أنَّها : بيعٌ للمنافع، فغالب أحكامها مُحال فيه على أحكام البيع، إلاَّ ما شذَّ، فهي : إذن [ بيعٌ ].
وكذلك بالنسبة لإجارة البساتين، ما هي إلاَّ بيعٌ للثمر، وإن أُطلق على العقد لفظ [ الإجارة ].
إذ الإجارة، كما هو معلومٌ، بيعٌ للمنفعة، مع عدم استهلاك العين المؤجرة، في حين في [ إجارة البساتين ] تُسْتهلك فيها الثمار، ولا ريب فإنَّها هي المقصودة أصلاً من تلك الإجارة، فكانت بيعاً من هذه الجهة أيضاً.
وكلنا يعلم أنَّ :
[ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ] (١).
وعليه... فدخولها في نطاق النهي الذي ورد عن رسول الله عليه السلام، في عدم جواز بيع ما ليس عند الإنسان، مضافاً عن النهي عن بيع الثمار قبل بُدُوِ صلاحها، لم يَعُدْ خافياً.
********
ولما كانت إجارة البساتين فيها أمران :
الأول : أنَّها تُعقد، في الأعم الأغلب، لمدة سنتين فما فوق، تلافياً لما يُصيب المستأجر من ضرر، إذا لم يكن ناتج أحد السنوات مجزياً.
فإذا كانت ثمار سنةٍ قد بدا صلاحُها، فثمار الأخرى لم يبْدُ أصلاً، فدخلت معاملتهما تحت النهي الوارد عن الشارع الحكيم، الذي أشرنا إليه قبلاً.
الثاني : أنَّها تضم من الأشجار ما يتنوع حاصله إلى : صيفيٍّ، وشتويٍّ.
فإن تعاقدا في أيٍّ من الموسمين، ولو مع بدو صلاح ثماره، فإنَّ ثمار الموسم الآخر لم تكن قد بدت بعدُ.
وفي هذه الحالة ستدخل معاملتهما تحت النهيين الواردين عن الشارع الحكيم، والذي سبقت الإشارة إليهما.

(١) راجع : المادة ٣ من مجلة الأحكام العدليَّة، والمادة ١٥٥ من القانون المدني العراقي.


الصفحة التالية
Icon