لكنّهم سألوا إخوة يُوُسُف :﴿ فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ﴾ (١).
يريدون جزاءه في شريعة يعقوب، فأظهروا لهم عدالةً انتحلوها، ذلك بأنهم سيطبقون عليهم شريعتهم لا شريعة فرعون !!، [ احتيالا ] منهم لأخذ [ بنيامين ]، وهذا هو اسم أخي النبي يوسف.
********
وهنا مسألة قانونية أخرى، وهي :
هل الأخذ يكون بقانون إقليم الدولة الذي حصل عليه الفعل الجرمي؟ أم بالقانون الشخصي للمتهميّن إذا كانوا من الأجانب ؟.
وهذا ما يُسمَّى [ بتنازع القوانين من حيث المكان ]، وله وجهان :
الأول: التنازع الدولي من حيثُ الاختصاص القضائي.
الثاني: التنازع الدولي من حيثُ الاختصاص التشريعي.
فالأول : يتعلق ببيان المحاكم المختصَّة، بالنظر في القضايا التي تخصُّ المواطنين والأجانب، والحالات التي تُعتبر فيها المحاكم الوطنيَّة هي المعنيَّة بالنظر فيها، ولو كان حدوثها خارج البلد.
والثاني : يتعلق ببيان القانون الواجب التنفيذ، في حالة النظر في قضيَّةٍ لها علاقةٌ بأجنبيٍّ، أو وقعت في بلدٍ أجنبيٍّ، ولكن تمَّ النظر فيها في محكمة وطنيَّة.
********
هناك نظريتان [ ولها تفصيلات ] خلاصتهما :
١. إنَّ الأغلب أخذ [ بإقليمية القوانين ]، أي تطبيق قانون الإقليم الذي وقعت فيه الجريمة، وإن كان الفاعلون من الأجانب.
٢. والبعض يأخذ [ بشخصية القوانين] … وخاصة في الدول التي للغير فيها امتيازات مفروضة، أو ما كانت فيها امتيازات لأعضاء الهيئات الدبلوماسية والقنصلية.
فيطبق عليهم قانون بلدهم الذي يلاحقهم أينما ذهبوا. فإنَّ الناس تسعى دوماً الى أن تبقى تحت حكم قانونها الشخصي.
٣. الجمع بينهما، بتفصيلٍ سنأتي إليه.
إنَّ سيَّدنا يُوسُف أدخل إخوتَه في الفخ، فارتضوا قانونهم الذي يُطبِّقونه في بلادهم، ألا وهو شريعة [ يعقوب ] .. حتى أنّهم:
﴿ قالوا من وُجِد في رحله فهو جزاؤه كذلك نَجزي الظالمين ﴾