ثبت في الصحيحين من حديث أم سلمة رضي اللّه عنها أنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يارسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكحلها؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لا"، مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول: "لا"، ثم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول".
قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمى بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا(١) ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا، حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طائر- فتفتض(٢) به فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها. ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
سُئل مالك: ما تفتض به؟ قال: تمسح به جلدها(٣).
وعن أم سلمة رضي اللّه عنها: أن امرأة توفي زوجها فخشوا على عينيها فأتوا على رسول اللّه ﷺ فاستأذنوه في التكحل، فقال: "لا تكتحل، قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها أو شر بيتها، فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة، فلا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر"(٤).

(١) الحفش: بكسر المهملة وسكون الفاء هو البيت الصغير الذليل الحقير.
(٢) فتفتض به: فسره مالك كما في آخر الحديث، وقال ابن حجر: وأصل الفض: الكسر أي تكسر ما كانت فيه وتخرج منه بما تفعله بالدابة، فتح الباري (٩/٤٩٠).
(٣) رواه البخاري في الطلاق، باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر، قح الباري (٩/ ٤٨٤)، ومسلم في الطلاق باب الإِحداد ٢/ ١١٢٤ نحوه واللفظ للبخاري.
(٤) رواه البخاري في الطلاق، باب الكحل للحادة فتح الباري (٩/ ٤٩٠).


الصفحة التالية
Icon