، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ } فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ أَنَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ هَذَا غَلَطٌ مِنْ رَاوِيهِ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ ثَنَاءٌ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى لَا شَيْءَ لِلْعَبْدِ فِيهِ كَقَوْلِهِ :﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
وَإِنَّمَا جَعَلَ قَوْلَهُ :﴿ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ لِمَا انْتَظَمَ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْآيِ بَعْدَهَا مِنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ جَعَلَهَا لِلْعَبْدِ خَاصَّةً ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةٌ مِنْ الْعَبْدِ لِمَا ذُكِرَ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ لَمَّا كَانَ نِصْفَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعُدُّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ آيَةً بَلْ كَانَ يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى أَرْبَعٌ وَلِلْعَبْدِ ثَلَاثٌ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ يَزِيدَ الْقَارِي، قَالَ : سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قُلْت لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إلَى بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنْ الْمَئِينِ، وَإِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي، فَجَعَلْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ ؟ قَالَ عُثْمَانُ :{ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ فَيَقُولُ : ضَعْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا