عَلَى ذَلِكَ الرَّمَادِ فَذَهَبْت لِأَبُولَ عَلَيْهِ فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْت لَا فَعَلْت وَجِئْت إلَيْهِمَا فَقُلْت : قَدْ فَعَلْت، فَقَالَا : مَا رَأَيْت ؟ فَقُلْت : مَا رَأَيْت شَيْئًا ؛ فَقَالَا : اذْهَبِي فَبُولِي عَلَيْهِ فَذَهَبْت وَفَعَلْت فَرَأَيْت كَأَنَّ فَارِسًا قَدْ خَرَجَ مِنْ فَرْجِي مُقَنَّعًا بِالْحَدِيدِ حَتَّى صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ، فَجِئْتهمَا فَأَخْبَرْتهمَا فَقَالَا : ذَلِكَ إيمَانُك خَرَجَ عَنْك وَقَدْ أَحْسَنْت السِّحْرَ فَقُلْت : وَمَا هُوَ ؟ فَقَالَا : لَا تُرِيدِينَ شَيْئًا فَتُصَوِّرِينَهُ فِي وَهْمِك إلَّا كَانَ فَصَوَّرْت فِي نَفْسِي حَبًّا مِنْ حِنْطَةٍ، فَإِذَا أَنَا بِالْحَبِّ.
فَقُلْت لَهُ : انْزَرِعْ فَانْزَرَعَ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ سُنْبِلَا، فَقُلْت لَهُ : انْطَحَنَ وَانْخَبِزْ إلَى آخَرِ الْأَمْرِ حَتَّى صَارَ خُبْزًا وَإِنِّي كُنْت لَا أُصَوِّرُ فِي نَفْسِي شَيْئًا إلَّا كَانَ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ : لَيْسَتْ لَك تَوْبَةٌ فَيَرْوِي الْقُصَّاصُ وَالْمُحَدِّثُونَ الْجُهَّالُ مِثْلَ هَذَا لِلْعَامَّةِ، فَتُصَدِّقُهُ وَتَسْتَعِيدُهُ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يُحَدِّثَهَا بِحَدِيثِ سَاحِرَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَيَقُولُ لَهَا : إنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَخَذَ سَاحِرَةً فَأَقَرَّتْ لَهُ بِالسِّحْرِ، فَدَعَا الْفُقَهَاءَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ حُكْمِهَا، فَقَالُوا : الْقَتْلُ فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : لَسْت أَقْتُلُهَا إلَّا تَغْرِيقًا قَالَ : فَأَخَذَ رَحَى الْبَذْرِ فَشَدَّهَا فِي رِجْلِهَا وَقَذَفَهَا فِي الْفُرَاتِ، فَقَامَتْ فَوْقَ الْمَاءِ مَعَ الْحَجَرِ، فَجَعَلَتْ تَنْحَدِرُ مَعَ الْمَاءِ، فَخَافُوا أَنْ تَفُوتَهُمْ، فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ : مَنْ يُمْسِكُهَا وَلَهُ كَذَا وَكَذَا ؟ فَرَغِبَ رَجُلٌ مِنْ السَّحَرَةِ كَانَ حَاضِرًا فِيمَا بِذَلَهُ فَقَالَ : أَعْطَوْنِي قَدَحَ زُجَاجٍ فِيهِ مَاءٌ فَجَاءُوهُ بِهِ، فَقَعَدَ عَلَى الْقَدَحِ وَمَضَى إلَى الْحَجَرِ فَشَقَّ الْحَجَرَ بِالْقَدَحِ فَتَقَطَّعَ الْحَجَرُ قِطْعَةً قِطْعَةً، فَغَرِقَتْ السَّاحِرَةُ فَيُصَدِّقُونَهُ وَمَنْ صَدَّقَ هَذَا فَلَيْسَ يَعْرِفُ النُّبُوَّةَ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ مِنْ هَذَا