الرُّوَاةِ إنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَإِنَّمَا هَذَا اللَّفْظُ زِيدَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوهِ التَّخْيِيلَاتِ، أَنَّ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ هِيَ عَلَى حَقَائِقِهَا، وَبَوَاطِنُهَا كَظَوَاهِرِهَا، وَكُلَّمَا تَأَمَّلْتهَا ازْدَدْت بَصِيرَةً فِي صِحَّتِهَا، وَلَوْ جَهَدَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى مُضَاهَاتِهَا وَمُقَابِلَتِهَا بِأَمْثَالِهَا ظَهَرَ عَجْزُهُمْ عَنْهَا ؛ وَمَخَارِيقُ السَّحَرَةِ وَتَخْيِيلَاتُهُمْ إنَّمَا هِيَ ضَرْبٌ مِنْ الْحِيلَةِ وَالتَّلَطُّفِ لِإِظْهَارِ أُمُورٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا، وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهَا، يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ وَالْبَحْثِ وَمَتَى شَاءَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ بَلَغَ فِيهِ مَبْلَغَ غَيْرِهِ وَيَأْتِي بِمِثْلِ مَا أَظْهَرَهُ سِوَاهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى السِّحْرِ وَحَقِيقَتِهِ مَا يَقِفُ النَّاظِرُ عَلَى جُمْلَتِهِ وَطَرِيقَتِهِ، وَلَوْ اسْتَقْصَيْنَا ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَلِ لَطَالَ وَاحْتَجْنَا إلَى اسْتِئْنَافِ كِتَابٍ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَانُ مَعْنَى السِّحْرِ وَحُكْمِهِ وَالْآنَ حَيْثُ انْتَهَى بِنَا الْقَوْلُ إلَى ذِكْرِ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِيهِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِنْ حُكْمِهِ وَمَا يَجْرِي عَلَى مُدَّعِي ذَلِكَ مِنْ الْعُقُوبَات عَلَى حَسَبِ مَنَازِلِهِمْ فِي عِظَمِ الْمَأْثَمِ وَكَثْرَةِ الْفَسَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.