تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } } وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ آيَةً سِوَى ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فَلَوْ كَانَتْ مِنْهَا كَانَتْ إحْدَى وَثَلَاثِينَ آيَةً، وَذَلِكَ خِلَافُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا اتِّفَاقُ جَمِيعِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ وَفُقَهَائِهِمْ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ أَرْبَعُ آيَاتٍ ؛ فَلَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَكَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا عَدُّوا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إنَّمَا عَدُّوا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهَا عِنْدَهُمْ، قِيلَ لَهُ : فَكَانَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سُورَةُ الْإِخْلَاصِ أَرْبَعُ آيَاتٍ وَسُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ.
وَالثَّلَاثُ وَالْأَرْبَعُ إنَّمَا هِيَ بَعْضُ السُّورَةِ ؛ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَقُولُوا فِي الْفَاتِحَةِ إنَّهَا سِتُّ آيَاتٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :﴿ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ سَبْعُ آيَاتٍ إحْدَاهُنَّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ } وَشَكَّ بَعْضُهُمْ فِي ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْإِسْنَادِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي جَلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ :﴿ إذَا قَرَأْتُمْ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ فَاقْرَءُوا ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فَإِنَّ هَا إحْدَى آيَاتِهَا }.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : ثُمَّ لَقِيت نُوحًا فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
وَمِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي السَّنَدِ وَالرَّفْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فِي الْأَصْلِ، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ تَوْقِيفٌ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ


الصفحة التالية
Icon