قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا أَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى أُخْبِرَك بِآيَةٍ أَوْ سُورَةٍ لَمْ تَنْزِلْ عَلَى نَبِيٍّ بَعْدَ سُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي فَمَشَى وَاتَّبَعْته حَتَّى انْتَهَى إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَأَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ وَبَقِيَتْ الرِّجْلُ الْأُخْرَى، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَفْتَتِحُ الْقُرْآنَ إذَا افْتَتَحْت الصَّلَاةَ ؟ فَقُلْت :{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ } قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا آيَةٌ ؛ إذْ لَمْ تُعَارِضْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ أَخْبَارٌ غَيْرُهَا فِي نَفْيِ كَوْنِهَا آيَةً، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : يَلْزَمُك عَلَى مَا أَصَّلْت أَنْ لَا تُثْبِتَهَا آيَةً بِأَخْبَارِ الْآحَادِ حَسَبَ مَا قُلْته فِي نَفْيِ كَوْنِهَا آيَةً مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ، قِيلَ لَهُ : لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوْقِيفُ الْأُمَّةِ عَلَى مَقَاطِعِ الْآيِ وَمَقَادِيرِهَا، وَلَمْ يُتَعَبَّدْ بِمَعْرِفَتِهَا فَجَائِزٌ إثْبَاتُهَا آيَةً بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَأَمَّا مَوْضِعُهَا مِنْ السُّوَرِ فَهُوَ كَإِثْبَاتِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، سَبِيلُهُ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ، وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِأَخْبَارِ الْآحَادِ وَلَا بِالنَّظَرِ وَالْمَقَايِيسِ كَسَائِرِ السُّوَرِ وَكَمَوْضِعِهَا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ عَلَى مَوْضِعِ الْآيِ عَلَى مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوْقِيفٌ فِي سَائِرِ الْآيِ عَلَى مَبَادِئِهَا وَمَقَاطِعِهَا فَثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَيْنَا مَقَادِيرُ الْآيِ، فَإِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا آيَةٌ فَلَيْسَتْ تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةً فِي كُلِّ مَوْضِعٍ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ، أَوْ أَنْ تَكُونَ آيَةً مُنْفَرِدَةً كُرِّرَتْ فِي هَذِهِ