فَصْلٌ أَمَّا الْجَهْرُ بِهَا فَإِنَّ أَصْحَابَنَا وَالثَّوْرِيَّ قَالُوا : يُخْفِيهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : إنْ شَاءَ جَهَرَ وَإِنْ شَاءَ أَخْفَى.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجْهَرُ بِهَا.
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ إذَا صَلَّى صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ ؛ فَرَوَى عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : صَلَّيْت خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَجَهَرَ ب ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ وَرَوَى حَمَّادٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ يُخْفِيهَا ثُمَّ يَجْهَرُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَرَوَى عَنْهُ أَنَسٌ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ إبْرَاهِيمُ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ يُسِرُّونَ قِرَاءَةَ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ لَا يَجْهَرُونَ بِهَا وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يُسِرَّانِ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ.
وَرَوَى الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ : جَهْرُ الْإِمَامِ ب ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فِي الصَّلَاةِ بِدْعَةٌ.
وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ : ذُكِرَ لِعِكْرِمَةَ الْجَهْرُ ب ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ : أَنَا إذَا أَعْرَابِيٌّ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ : الْجَهْرُ فِي الصَّلَاةِ ب ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾.
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ، قَالَ : سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ الْجَهْرِ ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ : إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْأَعْرَابُ.
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا ؛ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.
وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَهْرِ ب ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ قَالَ : ذَلِكَ فِعْلُ الْأَعْرَابِ