السَّعْيِ بَيْنَهُمَا، فَرَوَى هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَأَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :﴿ مَا أَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرِئِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً مَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ﴾.
وَذَكَرِ أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿ : أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ ﴾.
وَرَوَى عَاصِمُ الْأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ :" كُنَّا نَكْرَهُ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعٌ ".
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ :" مَنْ شَاءَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ".
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ :" إنَّ مَنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ :" إنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَتَرْكُهُ يُجْزِي عَنْهُ الدَّمُ ".
وَقَالَ الشَّافِعِيّ :" لَا يُجْزِي عَنْهُ الدَّمُ إذَا تَرَكَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِع فَيَطُوفَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ يُجْزِي عَنْهُ الدَّمُ لِمَنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ مِثْلُ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَطَوَافِ الصَّدْرِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوضِهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيّ قَالَ : أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْت مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ مَا تَرَكْت جَبَلًا إلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَوَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ وَقَدْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ ﴾.
فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْفِي كَوْنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرْضًا فِي الْحَجِّ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا :


الصفحة التالية
Icon