لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا }.
وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْعَاصِي وَالْمُطِيعِ ؛ فَبَانَ بِمَا وَصَفْنَا فَسَادُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ.
وَقَوْلُهُ :﴿ فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ فِيهِ ضَمِيرٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْكَلَامُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الضَّرُورَةِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُضْطَرِّ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ :﴿ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ خَبَرًا لَهُ.
وَقَوْلُهُ :﴿ فَمَنْ اُضْطُرَّ ﴾ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ خَبَرٍ بِهِ يَتِمُّ الْكَلَامُ، إذْ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الضَّرُورَة، وَخَبَرُهُ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ ضَمِيرُهُ وَهُوَ الْأَكْلُ، فَكَأَنَّ تَقْدِيرَهُ " فَمَنْ اُضْطُرَّ فَأَكَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ " ثُمَّ قَوْلُهُ :﴿ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ﴾ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ ﴿ غَيْرَ بَاغٍ ﴾ فِي الْمَيْتَةِ ﴿ وَلَا عَادٍ ﴾ فِي الْأَكْلِ، فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ حَالًا لِلْأَكْلِ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ ﴿ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ﴾ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَكَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ " فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ حَالًا لَهُ عِنْدَ الضَّرُورَة قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ صِفَةً لِلْأَكْلِ، وَعِنْدَ الْأَوَّلِينَ يَكُونُ صِفَةً لِلْأَكْلِ.
وَالْحَذْفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَالْحَذْفِ فِي قَوْلِهِ :﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ وَالْمَعْنَى : فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فَحَذَفَ " فَأَفْطَرَ ".
وَقَوْلُهُ :﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ ﴾ وَمَعْنَاهُ :" فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ " وَإِنَّمَا جَازَ الْحَذْفُ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْمَحْذُوفِ وَدَلَالَةُ الْخِطَابِ عَلَيْهِ.
وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ