قَتَلْنَاهُ } يَعْنِي عَبْدَهُ الْمُعْتَقَ الَّذِي كَانَ عَبْدَهُ.
وَهَذَا الْإِطْلَاقُ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ وَالْعَادَةِ فَقَدْ ﴿ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبِلَالٍ حِينَ أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ : أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ ﴾، وَقَدْ كَانَ حُرًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ :" اُدْعُوَا لِي هَذَا الْعَبْدَ الْأَبْظَرَ " يَعْنِي شُرَيْحًا حِينَ قَضَى فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ جَرَى عَلَيْهِ رِقٌّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمَّاهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ وَالْمُرَادُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَامَى.
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا ﴾ يَعْنِي الَّتِي كَانَتْ يَتِيمَةً.
وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ :﴿ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ ﴾ مَا وَصَفْنَاهُ فِيمَنْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ، وَزَالَ بِهَذَا تَوَهُّمُ مُتَوَهِّمٍ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ لَا يُقَادُ بِمَوْلَاهُ الْأَسْفَلِ كَمَا لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ.
وَقَدْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَسْبِقَ إلَى ظَنِّ بَعْضِ النَّاسِ أَنْ لَا يُقَادَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ جَعَلَ حَقَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ كَحَقِّ الْوَالِدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ﴾ فَجَعَلَ عِتْقَهُ لِأَبِيهِ كِفَاءً لِحَقِّهِ وَمُسَاوِيًا لِيَدِهِ عِنْدَهُ وَنِعْمَتِهِ لَدَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon