الْقِصَاصُ مَوْقُوفًا عَلَى إعْطَاءٍ الْمَالِ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ الْحَسَنِ، وَقَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ الْقَاتِلَةَ قُتِلَتْ، وَأُخِذَ مِنْ مَالِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، فَقَوْلٌ يَرُدُّهُ ظَاهِرُ الْآي الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ، وَيُوجِبُ زِيَادَةَ حُكْمٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِيهَا.
وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ :﴿ أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً، وَعَلَيْهَا أَوْضَاحٌ لَهَا، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بِهَا ﴾.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ إنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ ﴾.
وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتْلُ جَمَاعَةِ رِجَالٍ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ظَهَرَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نُظَرَائِهِ مَعَ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ، وَشُهْرَتِهِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ يَكُونُ إجْمَاعًا.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ بِهَا مِنْ غَيْرِ بَدَلِ مَالٍ، مَا قَدَّمْنَا مِنْ سُقُوطِ اعْتِبَارِ، الْمُسَاوَاة بَيْنَ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّقِيمَةِ، وَقَتْلِ الْعَاقِلِ بِالْمَجْنُونِ، وَالرَّجُلِ بِالصَّبِيِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِي النُّفُوسِ، وَأَمَّا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاة، وَاجِبٌ فِيهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى امْتِنَاعِ أَخْذِ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْعَبِيدِ، وَالْأَحْرَارِ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ أَعْضَائِهَا غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هَلَّا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ، وَيَدُ الْمَرْأَةِ بِيَدِ الرَّجُلِ كَمَا قُطِعَتْ الْيَدُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ قِيلَ لَهُ : إنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ، فَصَارَ كَالْيُسْرَى لَا تُؤْخَذُ بِالْيُمْنَى، وَأَوْجَبَ أَصْحَابُنَا