مِنْ الْقَاتِلَيْنِ فِي حُكْمِ الْمُتْلِفِ لِجَمِيعِهَا، فَوَجَبَ بِذَلِكَ قِسْطُهَا مِنْ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مَحْكُومًا لِلْجَمِيعِ بِحُكْمِ الْخَطَإِ.
فَلَا جَائِزٌ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُحْكَمَ بِهَا بِحُكْمِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا جَمِيعُ الدِّيَةِ.
وَيُشْبِهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا الْوَاطِئَ لِجَارِيَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَتَبَعَّضْ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي نَصِيبِهِ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِهِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِعَدَمِ التَّبْعِيضِ فِيهِ.
وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي رَجُلَيْنِ سَرَقَا مِنْ ابْنِ أَحَدِهِمَا : إنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمُشَارَكَتِهِ فِي انْتِهَاكِ الْحِرْزِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إنَّ تَعَلُّق حُكْمِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَامِدِ، وَالصَّحِيحِ وَالْبَالِغِ مُوجِبٌ عَلَيْهِ الْقَوَدَ بِقَضِيَّةِ اسْتِدْلَالِكَ بِالْآيِ الَّتِي تَلَوْتَ إذَا كَانَ قَاتِلًا لِجَمِيعِ النَّفْسِ مُتْلِفًا لِجَمِيعِ الْحَيَاةِ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ فِي حَالِ الِاشْتِرَاكِ وَالِانْفِرَادِ.
وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ الْعَامِدُونَ لِقَتْلِ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَوَدَ ؛ إذْ كَانَ فِي حُكْمِ مَنْ أَتْلَفَ الْجَمِيعَ مُنْفَرِدًا بِهِ، وَهَذَا يُوجِبُ قَتْلَ الْعَاقِلِ مِنْهُمَا.
وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْبَالِغُ، وَأَنْ لَا يَسْقُطَ بِمُشَارَكَةِ مَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا غَيْرُ وَاجِبٍ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُشَارِكَ الَّذِي لَا قَوَدَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمَّا وَجَبَ فِيهِ الْأَرْشُ انْتَفَى عَنْهُ حُكْمُ الْعَمْدِ فِي الْجَمِيعِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ امْتِنَاعِ تَبْعِيضِهَا فِي حَالِ الْإِتْلَافِ، فَصَارَ الْجَمِيعُ فِي حُكْمِ الْخَطَإِ، وَمَا لَا قَوَدَ فِيهِ.
وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْقَوَدُ قِسْطَهُ مِنْ الدِّيَةِ دُونَ