وَقَدْ رَوَى عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ، ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ :﴿ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثُمَّ قَالَ : أَتَعْفُو ؟ قَالَ : لَا.
قَالَ : أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : أَمَا إنَّك إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ فَمَضَى الرَّجُلُ فَلَحِقَهُ النَّاسُ فَقَالُوا : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَمَا إنَّكَ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ فَعَفَا عَنْهُ ﴾
.
فَاحْتَجَّ الْمُوجِبُونَ لِلْخِيَارِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْمَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ بِرِضَى الْقَاتِلِ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ جَاءَتْ تَشْكُوهُ :﴿ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ﴾.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رِضَى ثَابِتٍ قَدْ كَانَ مَشْرُوطًا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي الْخَبَرِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ يُلْزِمُ ثَابِتًا الطَّلَاقَ، وَلَا يُمَلِّكُهُ الْحَدِيقَةَ إلَّا بِرِضَاهُ.
وَجَائِزٌ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَصَدَ إلَى أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا عَلَى مَالٍ فَيَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى رِضَى الْقَاتِلِ أَوْ فَسْخِهِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدِّيَةَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا فَعَلَ فِي قَتِيلِ الْخُزَاعِيِّ بِمَكَّةَ، وَكَمَا تَحَمَّلَ عَنْ الْيَهُودِ دِيَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا بِخَيْبَرَ.
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ ﴾ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّكَ قَاتِلٌ كَمَا أَنَّهُ قَاتِلٌ، لَا أَنَّكَ مِثْلُهُ فِي الْمَأْثَمِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقًّا لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ فَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَكَانَ آثِمًا، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ " كُنْتَ مِثْلَهُ فِي الْمَأْثَمِ ".
وَالْآخَرُ : أَنَّكَ إذَا قَتَلْتَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَيْتَ حَقَّكَ مِنْهُ، وَلَا فَضْلَ لَكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ


الصفحة التالية
Icon