وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فِدَاءَ أُسَارَاهُمْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إخْرَاجُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَسَرَ بَعْضَهُمْ عَدُوُّهُمْ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُفَادُوهُمْ، فَكَانُوا فِي إخْرَاجِهِمْ كَافِرِينَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ لِفِعْلِهِمْ مَا حَظَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي مُفَادَاتِهِمْ مُؤْمِنِينَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ بِقِيَامِهِمْ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ وُجُوبِ مُفَادَاةِ الْأُسَارَى ثَابِتٌ عَلَيْنَا ؛ رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ ﴿ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ وَيَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ ﴾ فَهَذَانِ الْخَبَرَانِ يَدُلَّانِ عَلَى فِكَاكِ الْأَسِيرِ ؛ لِأَنَّ الْعَانِيَ هُوَ الْأَسِيرُ وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ : أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَى أُسَارَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُشْرِكِينَ ﴾ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ : سُئِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : عَلَى مَنْ فَدْيُ الْأَسِيرِ ؟ قَالَ : عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي يُقَاتِلُ عَنْهَا.