وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ فَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ :" هِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ بِالْمَدِينَةِ، ﴿ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَيَكُفُّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ إلَى أَنْ أُمِرَ بِقِتَالِ الْجَمِيعِ ﴾، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ :﴿ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أُمِرَ أَبُو بَكْرٍ بِقِتَالِ الشَّمَامِسَةِ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ الْقِتَالَ وَأَنَّ الرُّهْبَانَ مِنْ رَأْيِهِمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ بِأَنْ لَا يُقَاتَلُوا " وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ فَكَانَتْ الْآيَةُ عَلَى تَأْوِيلِهِ ثَابِتَةَ الْحُكْمِ لَيْسَ فِيهَا نَسْخٌ، وَعَلَى قَوْلِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَأْمُورِينَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَنْ كَفَّ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَتَدَيَّنُ بِالْقِتَالِ أَوْ لَا يَتَدَيَّنُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ أَنَّهُ فِي النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يَنْصِبْ لَكَ الْحَرْبَ مِنْهُمْ، كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ فِي الْأَغْلَبِ لِضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَالُ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارٍ شَائِعَةٍ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ أَصْحَابِ الصَّوَامِع رَوَاهُ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَا قَالَ الرَّبِيعُ


الصفحة التالية
Icon