بَابُ الْعُمْرَةِ هِيَ فَرْضٌ أَمْ تَطَوُّعٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ قَالُوا :" إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" إتْمَامُهُمَا بُلُوغُ آخِرِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا " وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ :" هُوَ إقَامَتُهُمَا إلَى آخِرِ مَا فِيهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ " كَأَنَّهُمَا تَأَوَّلَا ذَلِكَ عَلَى الْأَمْرِ بِفِعْلِهِمَا، كَقَوْلِهِ لَوْ قَالَ " حُجُّوا وَاعْتَمِرُوا ".
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ قَالَا :" إتْمَامُهُمَا إفْرَادُهُمَا " وَقَالَ قَتَادَةَ إتْمَامُ الْعُمْرَةِ الِاعْتِمَارُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ قَالَ :" لَا تُجَاوِزُ بِهَا الْبَيْتَ " وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ فَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهَا تَطَوُّعٍ قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ قَالَ :" مَا أَمَرَنَا بِهِ فِيهِمَا ".
وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ :" هِيَ وَاجِبَةٌ " وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :" الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ ".
وَاحْتَجَّ مِنْ أَوْجَبَهَا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ :﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ قَالُوا : وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ إتْمَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا وَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَ بِابْتِدَاءِ فِعْلِهِمَا، فَالْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ، بِمَنْزِلَةِ عُمُومٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مُشْتَمِلٍ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِدَلَالَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهَا الْأَمْرُ بِإِتْمَامِهِمَا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ النُّقْصَانِ عَنْهُمَا إذَا فُعِلَتْ ؛ لِأَنَّ ضِدَّ التَّمَامِ هُوَ