الدُّخُولِ حَمْلُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِتَضَادِّ الْمَعْنَيَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِلْزَامَ بِالدُّخُولِ انْتَفَى أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِلْزَامَ قَبْلَ الدُّخُولِ ؟ لِأَنَّ إلْزَامَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ نَافٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا بِالدُّخُولِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إنَّمَا تَلْزَمُ الدُّخُولَ وَإِنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ مُتَعَلِّقٌ لُزُومُهَا بِالدُّخُولِ فِيهَا ؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إرَادَةُ إيجَابِهِمَا بِالدُّخُولِ وَإِيجَابُهُمَا ابْتِدَاءً قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِمَا ؛ فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْعُمْرَةُ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ ﴾.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَمُجَاهِدٍ قَالَا :" الْعُمْرَةُ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ ".
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ ﴾ فَلَمَّا سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُمْرَةَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ حَجًّا وَقَالَ لِلْأَقْرَعِ ﴿ الْحَجُّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ ﴾ انْتَفَى بِذَلِكَ وُجُوبُ الْعُمْرَةِ ؛ إذْ كَانَتْ قَدْ تُسَمَّى حَجًّا.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْمُطَّوِّعِيُّ