أَنَّهُ غَيْرُ مُوَقَّتٍ، أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ﴾ عَائِدٌ إلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَبْدُوءِ بِذِكْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ :﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ وَالْهَدْيُ الْمَذْكُورُ لِلْحَجِّ هُوَ الْمَذْكُورُ لِلْعُمْرَةِ، وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّوْقِيتَ لِلْعُمْرَةِ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ ؛ إذْ قَدْ أُرِيدَ بِاللَّفْظِ الْإِطْلَاقُ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ وَالْمُرَادُ بِمَحِلِّهِ لِلْعُمْرَةِ هُوَ الْحَرَمُ دُونَ الْوَقْتِ، فَصَارَ كَالْمَنْطُوقِ بِهِ فِيهِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ ذَبْحِهِ فِي الْحَرَمِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ فِي الْعُمْرَةِ، فَكَذَلِكَ هُوَ لِلْحَجِّ.
وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْإِطْلَاقُ قَدْ تَنَاوَلَ الْعُمْرَةَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُقَيِّدًا لِلْحَجِّ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرَادَ فِي بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ اللَّفْظُ الْوَقْتُ وَفِي بَعْضِهِ الْمَكَانُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ﴾ فِي بَعْضِهِمْ سَارِقِ الْعَشَرَةِ وَفِي بَعْضِهِمْ سَارِقِ رُبْعِ دِينَارٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ ﴾.
وَمَعْنَاهُ : فَقَدْ جَازَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْكَسْرِ وَالْعَرَجِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا :﴿ اشْتَرِطِي وَقُولِي : إنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ﴾ وَمَعْنَى ذَلِكَ إعْلَامُهَا أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهَا، بِدَلَالَةِ الْأُصُولِ أَنَّ مُوجِبَ الْإِحْرَامِ لَا يَنْتَفِي بِالشَّرْطِ ثُمَّ لَمْ يُوَقِّتْ الْمَحِلَّ وَيُحْتَجُّ لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي تَحَلَّلَ بِهَا عِنْدَ


الصفحة التالية
Icon