أَنَّهُ قَالَ :﴿ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ ﴾ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عُمْرَةً، وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً مَعَهُ لَذَكَرَهَا كَمَا ذَكَرَ وُجُوبَ قَضَاءِ الْحَجِّ.
قِيلَ لَهُ : وَلَمْ يَذْكُرْ دَمًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحِلَّ إلَّا بِدَمٍ ؛ وَإِنَّمَا أَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْإِحْصَارِ بِالْمَرَضِ وَوُجُوبِ قَضَاءِ مَا يَحِلُّ فِيهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَقِيبَ ذِكْرِ حُكْمِ الْمُحْصَرِ :﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ ﴾ أَرَادَ بِهِ الْعُمْرَةَ الَّتِي تَجِبُ بِالْإِحْلَالِ مِنْ الْحَجِّ إذَا جَمَعَهَا إلَى الْحَجِّ الَّذِي أَحَلَّ مِنْهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْمُحْصَرِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : حَدَّثَنَا الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحِ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ :" الْحَبْسُ حَبْسُ الْعَدُوِّ، فَإِنْ حُبِسَ وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ حَلَّ مَكَانَهْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ حَلَّ بِهِ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَلَا عُمْرَةٌ ".
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ إنْكَارُ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةٍ رَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارِ قَالَ : قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ :" لَيْسَ عَلَى مَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ هَدْيٌ حَسَبَ أَنَّهُ قَالَ :" وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ " قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَطَاءٍ قُلْتُ : هَلْ سَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ هَدْيٌ وَلَا قَضَاءٌ إحْصَارِهِ ؟ قَالَ : لَا ؛ وَأَنْكَرَهُ.
وَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَعَمْرِي مُنْكَرَةٌ خِلَافَ نَصَّ التَّنْزِيلِ وَمَا وَرَدَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾.
وَقَوْلُهُ