لَوْ قَصَدَ إلَى الْفَوَاتِ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ.
وَالْمَعْنَى فِي اسْتِوَاءِ حُكْمِ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِ الْمَعْذُورِ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِالدُّخُولِ وَهُوَ مَوْجُودُ فِي الْمُحْصَرِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قِصَّةُ عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ وَهِيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَتْ مُحْرِمَةً بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ اُنْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ ثُمَّ لَمَّا فَرَغَتْ مِنْ الْحَجِّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ، وَقَالَ هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ ﴾ فَأَمَرَهَا بِقَضَاءِ مَا رَفَضَتْهُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِلْعُذْرِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَعْذُورَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُحْصِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَانُوا مُحْرِمِينَ بِالْعُمْرَةِ وَقَضَوْهَا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، سُمِّيَتْ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ ﴾ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَزِمَتْ بِالدُّخُولِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ لَمَا سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَلَكَانَتْ تَكُونُ حِينَئِذٍ عُمْرَةً مُبْتَدَأَةً، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى لُزُومِ الْقَضَاءِ بِالْإِحْلَالِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.


الصفحة التالية
Icon