الْحَجِّ } وَهَذِهِ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ صَوْمُهُنَّ فِيهَا.
قِيلَ لَهُ : لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ قَاضٍ عَلَيْهِ وَمُخَصِّصٌ لَهُ كَمَا خَصَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ نَهْيُهُ عَنْ صِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا لَا أَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَجْوَزَ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ.
وَالثَّالِثُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْحَجِّ بِقَوْلِهِ :﴿ الْحَجُّ عَرَفَةَ ﴾ فَقَوْلُهُ :﴿ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ﴾ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ عَرَفَةَ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ ؛ وَقَدْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يَصُومُ يَوْمَ النَّحْرِ مَعَ أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ، فَمَا لَمْ يُسَمَّ يَوْمُ الْحَجِّ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صَوْمُهَا أَحْرَى أَنْ لَا يَصُومَ فِيهَا ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ، وَهُوَ رَمْيُ الْجِمَارِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ هُوَ إذًا مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَلَا يَكُونُ صَوْمُهَا صَوْمًا فِي الْحَجِّ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي صَوْمِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يُجِيزُوهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ﴾ فَجَعَلَ أَصْلَ الْفَرْضِ هُوَ الْهَدْيَ وَنَقَلُهُ إلَى صَوْمٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَقَدْ فَاتَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ هُوَ الْهَدْيَ، كَقَوْلِهِ :﴿ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾، فَغَيْرُ جَائِزٍ وُقُوعُهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ إلَّا عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ.
فَإِنْ قِيلَ : أَكْثَرُ مَا فِيهِ إيجَابُ فِعْلِهِ فِي وَقْتِ، فَلَا


الصفحة التالية
Icon