وَحَكَى عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ أَنَّ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيَّ قَالَ :" يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَنْ يَصُومَ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ، فَإِنْ تَرَكَ صِيَامَهُ فَقَدْ أَثِمَ وَفَرَّطَ " فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ اتِّفَاقِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَعًا وَعَنْ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ وَخَالَفَ السُّنَنَ الَّتِي رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى : فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ قُلْتَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصُمْ الْيَوْمَ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ فَمَاتَ فَكُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إنَّهُ آثِمٌ مُفَرِّطٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوَسَّعًا لَهُ أَنْ يَصُومَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَزِمَهُ التَّفْرِيطُ إنْ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ.
قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَوَجَدَ رَقَبَةً تُبَاعُ بِثَمَنٍ مُوَافِقٍ، هَلْ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهَا وَيَشْتَرِيَ غَيْرَهَا ؟ فَقَالَ : لَا فَقُلْتُ : لِمَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقْ أَوَّلَ رَقَبَةٍ يَجِدُهَا، فَإِذَا وَجَدَ رَقَبَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ فِيهَا، وَإِذَا لَزِمَهُ فِي أَوَّلِ رَقَبَةٍ لَمْ يُجِزْهُ غَيْرُهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لَهَا.
فَقُلْتُ : فَإِنَّ اشْتَرَى رَقَبَةً غَيْرَهَا وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْأُولَى ؟ فَقَالَ : لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ.
قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ رَقَبَةٌ فَوَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ هَلْ يُجْزِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا ؟ قَالَ : لَا فَقُلْتُ : لِأَنَّ الْعِتْقَ صَارَ عَلَيْهِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ فَقُلْتُ : فَمَا تَقُولُ إنْ مَاتَتْ هَلْ يَبْطُلُ عَنْهُ الْعِتْقُ كَمَا أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا فَمَاتَتْ يَبْطُلُ نَذْرُهُ ؟ فَقَالَ : لَا بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ غَيْرَهَا ؛ لِأَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ فَقُلْتُ : وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ غَيْرَهَا.
فَقَالَ :


الصفحة التالية
Icon