مُسْتَفِيضَةٌ مَعَ سَمَاعِ الْآخَرِينَ لَهَا وَتَرْكِ إظْهَارِ الْمُخَالَفَةِ، فَهَذَا أَيْضًا إجْمَاعٌ يُحْكَى ؛ إذْ كَانَ تَرْكُ الْآخَرِينَ إظْهَارَ النَّكِيرِ وَالْمُخَالَفَةِ قَائِمًا مَقَامَ الْمُوَافَقَةِ ؛ فَهَذَانِ الضَّرْبَانِ مِنْ إجْمَاعِ الْخَاصَّةِ وَالْفُقَهَاءِ يُحْكَيَانِ جَمِيعًا.
وَإِجْمَاعٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا تَشْتَرِكُ فِيهِ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ الزِّنَا وَالرِّبَا وَوُجُوبِ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا، فَهَذِهِ أُمُورٌ قَدْ عُلِمَ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ اعْتِقَادُهُ وَالتَّدَيُّنِ بِهِ ؛ فَإِنْ عُنِيَ هَذَا الضَّرْبُ مِنْ الْإِجْمَاعِ فَقَدْ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ مِثْلَهُ لَا يُحْكَى، وَقَدْ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا الضَّرْبَ أَيْضًا يُحْكَى لِعِلْمِنَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَى اعْتِقَادِهِ وَالتَّدَيُّنِ بِهِ، فَجَائِزٌ أَنْ يُحْكَى عَنْهُمْ اعْتِقَادُهُمْ لِذَلِكَ وَالتَّدَيُّنُ بِهِ وَأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَيْهِ، كَمَا إذَا ظَهَرَ لَنَا إسْلَامُ رَجُلٍ وَإِظْهَارُ اعْتِقَادِهِ الْإِيمَانَ أَنْ يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ؛ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ ﴾ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقِ.