وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ " لَا تُجْزِيهِ " وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ :" تُجْزِيهِ ".
وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةَ يُمْنَعُ جَوَازُهَا قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ ﴾ وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الذِّكْرِ الْمَفْعُولِ فِي حَالِ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ﴾ هُوَ الذِّكْرُ فِي مَوْقِفِ جَمْعٍ، فَوَاجِبٌ أَنْ نَحْمِلَ الذِّكْرَ الْأَوَّلَ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَكُونَ قَدْ وَفَّيْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الذِّكْرَيْنِ حَظَّهُ مِنْ الْفَائِدَةِ وَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ :﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ هُوَ أَمْرٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ، وَالذِّكْرُ الْمَفْعُولُ بِجَمْعٍ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمَتَى حُمِلَ عَلَى فِعْلِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِجَمْعٍ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مُقْتَضَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon