عَلَى الْأُمَّةِ، وَأَنَّ الْأُمَّةَ كَتَمَتْ ذَلِكَ، وَأَخْفَتْهُ ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا وَرَدُّوا مُعْظَمَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَادَّعُوا فِيهِ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ لَهَا حَقِيقَةٌ وَلَا ثَبَاتٌ لَا مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْجَمَاعَاتِ وَلَا مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ، وَطَرَقُوا لِلْمُلْحِدِينَ أَنْ يَدَّعُوا فِي الشَّرِيعَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَسَهَّلُوا لِلْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ السَّبِيلَ إلَى اسْتِدْعَاءِ الضَّعَفَةِ وَالْأَغْمَارِ إلَى أَمْرٍ مَكْتُومٍ زَعَمُوا حِينَ أَجَابُوهُمْ إلَى تَجْوِيزِ كِتْمَانِ الْإِمَامَةِ مَعَ عِظَمِهَا فِي النُّفُوسِ وَمَوْقِعِهَا مِنْ الْقُلُوبِ، فَحِينَ سَمَحَتْ نُفُوسُهُمْ بِالْإِجَابَةِ إلَى ذَلِكَ وَضَعُوا لَهُمْ شَرَائِعَ زَعَمُوا أَنَّهَا مِنْ الْمَكْتُومِ، وَتَأَوَّلُوهَا تَأْوِيلَاتٍ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ الْإِمَامِ، فَسَلَخُوهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَدْخَلُوهُمْ فِي مَذْهَبِ الْخَرْمِيَّةِ فِي حَالٍ وَالصَّابِئِينَ فِي أُخْرَى عَلَى حَسَبِ مَا صَادَفُوا مِنْ قَبُولِ الْمُسْتَجِيبِينَ لَهُمْ وَسَمَاحَةِ أَنْفُسِهِمْ بِالتَّسْلِيمِ لَهُمْ مَا ادَّعُوهُ.
وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مُجَوِّزَ كِتْمَانِ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ إثْبَاتُ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَصْحِيحُ مُعْجِزَاتِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُمْ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَاخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ وَتَبَاعُدِ أَوْطَانِهِمْ إذَا جَازَ عَلَيْهِمْ كِتْمَانُ أَمْرِ الْإِمَامَةِ فَجَائِزٌ عَلَيْهِمْ أَيْضًا التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ ؛ إذْ كَانَ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكِتْمَانِ فَجَائِزٌ فِيهِ التَّوَاطُؤُ عَلَى وَضْعِ خَبَرٍ لَا أَصْلَ لَهُ، فَيُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ لَا نَأْمَنَ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُونَ بِمُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مُتَوَاطِئِينَ عَلَى ذَلِكَ كَاذِبِينَ فِيهِ كَمَا تَوَاطَئُوا عَلَى كِتْمَانِ النَّصِّ عَلَى الْإِمَامِ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ النَّاقِلِينَ لِمُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ الَّذِينَ زَعَمَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ الضَّالَّةُ أَنَّهَا كَفَرْتَ،