يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ } وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ :" الْفَضْلُ عَنْ الْغِنَى ".
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ :" الْوَسَطُ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" أَرَادَ بِهِ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إذَا كَانَ الْعَفْوُ مَا فَضَلَ فَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا فِيمَا فَضَلَ عَنْ مِقْدَارِ الْحَاجَةِ وَحَصَلَ بِهِ الْغِنَى، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الصَّدَقَةَ التَّطَوُّعَ، فَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ يَصْرِفُهُ إلَى الْأَجَانِبِ.
وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَسَائِرَ الصَّدَقَاتِ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ ؛ إذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَنَا بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْعَفْوِ، وَالْفَاضِلِ عَنْ الْغِنَى.