نَفْسِهِ لِلْيَتِيمِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْإِصْلَاحِ لَهُ.
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْإِصْلَاحِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِيمَنْ كَانَ ذَا نَسَبٍ مِنْهُ دُونَ الْوَصِيِّ الَّذِي لَا نَسَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ نَفْسَهَا لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا الْوِلَايَةَ فِي التَّزْوِيجِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ اقْتَضَى ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا لَهُ فِيهِ صَلَاحٌ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَالْأَدَبِ وَيَسْتَأْجِرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ يُؤَاجِرَهُ مِمَّنْ يُعَلِّمُهُ الصِّنَاعَاتِ، وَالتِّجَارَاتِ وَنَحْوَهَا ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :" إنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ الْيَتِيمُ فِي حِجْرِهِ مِنْ ذَوِي الْمَحْرَمِ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ لِيَعْلَمَ الصِّنَاعَاتِ ".
وَقَالَ مُحَمَّدٌ :" لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ ".
وَقَالُوا " إنَّهُ إذَا وُهِبَ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَلِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الصَّلَاحِ ".
فَظَاهِرُ الْآيَةِ قَدْ اقْتَضَى جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَقَوْلُهُ :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ إنَّمَا عُنِيَ بِالْمُضْمَرِينَ فِي قَوْلِهِ " وَيَسْأَلُونَكَ " الْقُوَّامُ عَلَى الْأَيْتَامِ الْكَافِلِينَ لَهُمْ، وَذَلِكَ يَنْتَظِمُ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ ؛ لِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَ الْيَتِيمِ وَحَفِظَهُ وَحِيَاطَتَهُ وَحَضَانَتَهُ.
وَقَدْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ :﴿ قُلْ إصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ سَائِرَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَالتَّقْوِيمِ، وَالتَّأْدِيبِ.
وَقَوْلُهُ :" خَيْرٌ " قَدْ دَلَّ عَلَى مَعَانٍ : مِنْهَا إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْيَتَامَى مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الثَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ خَيْرًا وَمَا كَانَ خَيْرًا فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِهِ الثَّوَابُ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ